وكان لذلك التحدي الكبير مقتضياته من ضرورة التعاون والتضامن الحقيقي والتام بين جميع المؤسسات على كل من الصعيد الدولي والوطني؛ لتعمل تلك المؤسسات في سياق واحد يضمن تكاملًا وترابطًا يساعد في إنجاح استراتيجيات التصدي للفيروس وتحجيم انتشاره.
وعلى الصعيد المصري استنفرت الحكومة المصرية منذ اللحظة الأولى كافة أدواتها وآلياتها لتطبيق استراتيجية شاملة لمواجهة انتشار فيروس كورونا والسيطرة عليه، وكانت المؤسسات الدينية في القلب من ذلك، فتضطلعت بدورها المنتظر كمؤسسات وطنية عريقة، قادرة على المشاركة الفعالة في مواجهة التحديات الوطنية والدولية أيضًا.
ففي البداية كانت القرارات الواضحة التي استندت في مجملها إلى إعلان منظمة الصحة العالمية عن تصنيف فيروس كورونا كوباء عالمي، وتعامل الحكومة المصرية على ذلك الأساس، شأنها شأن سائر الحكومات في أنحاء العالم؛ ومن ثم كانت قرارات المؤسسات الدينية واضحة بشأن التعامل الجاد مع فيروس كورونا ووضع الاستراتيجيات التي تضمن الحد من انتشاره، في إطار حزمة من الإجراءات السريعة والفعالة التي آلت في نهاية الأمر إلى تحقيق تقدم كبير في إنجاح السياسة المصرية في مواجهة الجائحة، وإشادة منظمة الصحة العالمية بتلك السياسة وفاعليتها في مواجهة الفيروس.
فعلى الجانب التوعوي:
مثلت المؤسسات الدينية المصرية ركنًا أصيلًا في صناعة الوعي الجمعي، وتشكيل الثقافة المصرية لا سيما على الجانب الديني؛ ولذلك كان لدورها خلال أزمة انتشار فيروس كورونا أهمية بالغة في توجيه المجتمع المصري وتوعيته. وقد أثبتت المؤسسات الدينية المصرية خلال اشتداد الأزمة -ولا زالت تثبت- أنها جديرة بثقة المجتمع المصري، وقادرة على تحمل دورها الوطني والديني والقيام به على أكمل وجه، لا سيما وأن تلك الأوقات هي مظنة كثرة الشائعات والأطروحات المغلوطة، بالإضافة إلى استغلال قوى التطرف لتلك الأزمات في خلخلة الاستقرار والتماسك المجتمعي.
والحقيقة أن دار الإفتاء المصرية -على سبيل المثال- استطاعت بمرونة كبيرة احتواء الفراغ الكبير الناتج عن تعليق العمل في المؤسسات الدينية بشكل مؤقت، وإغلاق العديد من المنشآت الدينية، ونجحت في التعاطي الفوري مع مقتضيات تلك الأزمة، وترجم ذلك التعاطي الفوري تقرير مؤشر الفتوى الذي أكد أنه بعد الرصد والتحليل والمقارنة بين الفتاوى القديمة والحديثة تبين أن جائحة كورونا قد أكدت أن الفتوى تتغير بتغير الأحوال والعادات؛ ففي الوقت الذي أجازت فيه المؤسسة الدينية الرسمية سابقًا وحاليًّا الاحتفال بالأعياد القومية والوطنية مثلًا، كونها لا تُشكل ضررًا على الأفراد والمجتمعات، وليس به مخالفة شرعية لأنه من العادات الاجتماعية، فإنها باتت الآن في ظل وباء كورونا بتبعاته تمنع الاجتماع والخروج للمتنزهات والحدائق للاحتفال بها؛ لما قد يترتب عليه من أضرار وخيمة على الأفراد والمجتمعات.
وخلص المؤشر إلى نتيجة مفادها: أن ضابط الفتوى لدى المؤسسات الدينية الرسمية هو المصلحة العامة ومصلحة الناس، وأن مدار أحكامها يقوم على حفظ النفس الذي هو من مقاصد الشريعة الإسلامية، في الوقت الذي تفتقد فيه التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة ومن ينحو نحوها لمثل هذا الضابط في فتاويها، وأن آلة التحريم عندها لا يحكمها ضابط فقهي أو ضابط المصلحة.
وهكذا أكدت دار الإفتاء على تطور صناعة الفتوى المؤسسية لديها، واستطاعت تفعيل تلك الأداة الإفتائية في التوعية الجماهيرية خلال تلك الأزمة، وقد دعم ذلك الدور الثقة المتنامية التي تحوزها الدار لدى المواطن، وقد أكد ذلك التزايد المطرد في أعداد متابعي صفحات الدار على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حققت الصفحة اثنين وأربعين مليون مشاهدة خلال شهر رمضان الماضي، وتفاعل معها ستة وثلاثون مليونًا، كما حققت زيادة في عدد المتابعين نحو مائتين وستين ألف متابع، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة بين الجمهور وبين دار الإفتاء المصرية.
وقد أكدت دار الإفتاء في البداية على أنه يجب شرعًا على المواطنين الالتزامُ بتعليمات الجهات الطبية في مواجهة فيروس كورونا، كما أصدرت مجموعة من الفتاوى المتعلقة بالوباء؛ منها أن الوفاة بسبب فيروس كورونا تدخل تحت أسباب الشهادة الواردة شرعًا.
كما حذرت الدار من دعوات الخروج في مسيرات من أجل الدعاء لكشف الوباء، وهو ما نتج عن فهم مغلوط وقلة وعي من بعض المواطنين، فشددت الدار على غلط ذلك السلوك وعدم استناده إلى دليل شرعي، وأن الواجب التزام المنازل والدعاء منها لا من خلال التجمعات.
ونفت الدار بعض الشائعات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن الإشارة إلى فيروس كورونا في بعض الآيات القرآنية.
ومع انتشار الفتاوى غير المنضبطة بخصوص جواز الفطر في شهر رمضان لانتشار الوباء أصدرت الدار فتوى شرعية بشأن وجوب صوم رمضان، وعدم جواز الإفطار فيه إلا لعذر شرعي من المرض أو السفر، لا سيما مع تأكيد الجهات الطبية أن الصوم ليس من مسببات الإصابة بالفيروس.
وكان من أبرز المسائل التي اقتضت ظروف الوباء تعامل دار الإفتاء المصرية معها وتوجيه الجماهير إلى محل الصواب فيها ترك إقامة الشعائر الجماعية، وعدم الاحتيال لإقامتها، ومنع مخالفة قرارات المؤسسات الدينية والحكومة المصرية تنفيذًا للإجراءات الاحترازية، وخاصة أن المواطن المصري قد تأثر بتلك القرارات نظرًا لطبيعة تدين المجتمع، واختلاط مشاعره تجاه تلك القرارات، فأكدت دار الإفتاء من خلال فتاويها وبياناتها ومنشوراتها أنه يجب تقبُّل قرارات عدم إقامة الشعائر الجماعية من الناحية الشرعية، فهو أمر الله تعالى الذي لا تصح مخالفته أو التحايل عليه لأي سبب، وبيَّنت أن استغلال العاطفة الدينية لدى عامة الناس وتحريضهم على التحايل لإقامة تلك الشعائر فيه تعريض حياتهم للخطر، وحفظ النفس هو أولى المقاصد الشرعية التي يجب مراعاتها.
وفي ذات السياق، أجازت هيئة كبار العلماء بمؤسسة الأزهر، في فتوى رسمية، إيقاف صلوات الجمعة والجماعة لحماية الناس.
وقالت الهيئة في بيانها بشأن منع الجمع والجماعات: "في ضوء تواتر المعلومات الطبية من أن الخطر الحقيقي للفيروس هو في سهولة وسرعة انتشاره، فإن الفتوى تأتي تماشيًا مع أعظم مقاصد شريعة الإسلام: حفظُ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار".
وأوضحت أن البديل الشرعي عن صلاة الجمعة هو أربع ركعات ظهرًا في البيوت، أو في أي مكان غير مزدحم.
وأشارت الهيئة أنه يجب شرعًا على جميع المواطنين الالتزام بالتعليمات والإرشادات الصادرة عن الجهات الصحية للحدِّ من انتشار الفيروس والقضاء عليه، فضلًا عن "استقاء المعلومات من المصادر الرسمية المختصة".
أما الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، فكانت مطالبة بمضاعفة عملها وجهدها نظرًا لصفتها الاعتبارية الهامة، وهو ما قامت به الأمانة بالفعل؛ فأصدرت العديد من البيانات التي تناولت المستجدات الفقهية التي أملاها الظرف الطارئ، وبحثت من خلال نشرة جسور الشهرية الصادرة عن الأمانة مجموعة كبيرة من المسائل الفقهية الملحة في الوقت الراهن، التي ارتبطت بفيروس كورونا، ونبهت إلى التعامل الأمثل للمسلمين خاصة في شهر رمضان مع مثل هذه الجوائح، واللجوء إلى العبادات الفردية بديلًا عن الجماعية، مثل: صلاة التراويح، وموائد الرحمن… وغيرها.
كما أن نشرة "دعم" التي تصدر عن مركز دعم البحث الإفتائي التابع للأمانة كان لها دورها البارز أيضًا في هذا الشأن؛ حيث تم طرح عدد من المواضيع الخاصة بفيروس كورونا، والموجهة إلى الباحثين في المجال الإفتائي بشكل خاص، ومنها اقتراح فكرة لأطروحة إفتائية تحت عنوان "مناهج ونظم مؤسسات الفتوى في أوقات الجوائح".
هذا على الجانب التوعوي.
وأما على الجانب الوقائي:
فقد بادرت المؤسسات الدينية كخطوة أولى في مواجهة الفيروس بعدة إجراءات وقائية، من أهمها: تخفيض عدد العاملين؛ وذلك عن طريق وضع آلية تنفذ بواسطتها قرار رئاسة مجلس الوزارء المصري الخاص بتخفيض أعداد العاملين بأجهزة الدولة والمصالح الحكومية، بحيث لا تؤثر تلك الآلية على سير العمل بالمؤسسات. وبالفعل استطاعت المؤسسات الدينية المصرية تطبيق ذلك القرار واعتماد نظام يضمن تقليل كثافة العاملين في المؤسسة، وتفويض رؤساء الإدارات والقطاعات بوضع الضوابط والإجراءات التنظيمية فيما يخص حضور العاملين وضمان صحتهم وسلامتهم.
كما اعتمدت المؤسسات الدينية إجراءات الوقاية العامة المتمثلة في التعقيم الدوري للمنشآت ومكاتب الموظفين والعاملين، والالتزام الصارم بإجراءات وتعليمات وزارة الصحة، مثل ارتداء (الكمامة) أثناء الوجود داخل المنشأة، واستعمال (المطهرات) على نطاق واسع للعاملين والوافدين على المنشآت، وتحقيق التباعد الاجتماعي المطلوب أثناء العمل، وحظر السلام باليد بين الموظفين.
وأعلنت دار الإفتاء المصرية عن تعليقها لكافة الفعاليات فيما يتعلق بالتدريب على الإفتاء وتأهيل المقبلين على الزواج، وذلك لمدة خمسة عشر يومًا في بداية انتشار الفيروس، استجابة لقرار تعليق الدراسة وكافة التجمعات في البلاد، الذي وجه به السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كما قرر الأزهر الشريف تعليق الدراسة بالمعاهد والجامعات التابعة له، وتضمن القرار إعداد مادة علمية إلكترونية لجميع الصفوف، وإتاحتها على موقع بوابة الأزهر الإلكترونية حال توقف الدراسة، إضافة إلى إعداد بنك أسئلة للشهادتين (الإعدادية والثانوية) الأزهرية، ونماذج إجاباتها وإتاحتها للطلاب على موقع بوابة الأزهر.
أما وزارة الأوقاف، فقررت إغلاق جميع مساجد الجمهورية، وملحقاتها، وجميع الزوايا والمصليات، وغلق جميع الأضرحة والمزارات طوال فترة تعليق الدراسة، وتأجيل جميع الاختبارات والدورات والمسابقات، وتأجيل الدراسة بمراكز الثقافة الإسلامية، وإطلاق التدريب عن بعد، وإلغاء الاحتفالات بالإسراء والمعراج - التي حلَّت وقت الأزمة - بسبب كورونا.
كما شملت إجراءات وزارة الأوقاف حظر إقامة العزاء أو عقد القران بدور المناسبات والمساجد التابعة لها حتى إشعار آخر.
وقد وضعت دار الإفتاء المصرية منذ بداية الأزمة استراتيجية متكاملة ترتكز على تطبيق أقصى درجات الوقاية، وفي سبيل ذلك:
اتجهت الدار إلى التوسع وزيادة الاعتماد على الموقع الإلكتروني لتقديم خدماتها للمواطنين من خلاله وعدم اضطرارهم إلى الذهاب لمحل دار الإفتاء، وفي سبيل ذلك قامت الدار بزيادة عدد المتصدرين للفتوى الموجودين بشكل مستمر على موقع دار الإفتاء للإجابة عن استفسارات وأسئلة الجمهور، وهو الأمر نفسه الذي تم فيما يخص الفتوى الهاتفية، كما فعَّلَت الدار التطبيق الإلكتروني الخاص بها على الهواتف الذكية لاستقبال الفتاوى والرد عليها.
ولضمان تحقيق أكبر قدر من التفاعل مع المواطنين قامت الدار بزيادة عدد ساعات البث المباشر على صفحة دار الإفتاء الرسمية، حيث يستقبل علماء دار الإفتاء أسئلة المتابعين أثناء فترة البث المباشر والإجابة عنها؛ مما يزيد من التواصل بين المفتين والمستفتين.
هذا بالإضافة إلى الظهور التلفزيوني المستمر لعلماء دار الإفتاء على العديد من القنوات الفضائية المصرية؛ مما سهل التواصل بشكل كبير أثناء الحجر المنزلي وفترات حظر التجوال التي فرضتها الحكومة المصرية.
وعلى الجانب التكافلي:
فطنت المؤسسات الدينية المصرية إلى أن الطريق الوحيد لتجاوز الأزمات العامة هو تعزيز التكافل والتضامن المجتمعي، وهو ما سعت إليه المؤسسات الدينية ودفعت في اتجاهه بمجموعة من القرارات والإجراءات، ومنها:
قرار وزارة الأوقاف بإلغاء أي بعثات للحج على نفقتها هذا العام، وتوجيه ما كان مخصصًا لذلك لمساعدة المتضررين من آثار كورونا، وأهابت الوزارة بكل من نوى الحج أو أداء العمرة هذا العام، أن "يعيد ترتيب أولوياته، وأن يجعل ما كان سينفقه في حج النافلة أو أداء العمرة في مساعدة الفقراء والمحتاجين والمتضررين من آثار الفيروس".
كما قررت الوزارة تخصيص خمسين مليون جنيه "من باب البر للمتضررين من آثار فيروس كورونا، لاسيما مَن فقدوا فرصة عملهم من العمالة غير المنتظمة من عمال اليومية ومن في حكمهم من العاملين بالمجالات التي تأثرت بالظروف الحالية".
وأطلقت دار الإفتاء المصرية مبادرة "كأني اعتمرت" ووجهت رسالة إلى من حُرموا أداء العمرة هذا العام بالتصدق بأموالهم؛ وقالت في بيانها: "أنتم لم تُحرموا، وأبواب الخير مفتوحة على مصارعها، وبتصدقكم فإنكم في عبادة حقيقية متعدية النفع، وأخذتم أكثر من ثواب العمرة".
وقالت دار الإفتاء في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "دعوة لكل المعتمرين الذين حالت الظروف هذا العام دون أدائهم للمناسك… تصدقوا بتكلفة العمرة للفقراء والمحتاجين والمتضررين من العمالة اليومية؛ فالتصدق في وقت الأزمات وفك كربات المحتاجين أرجى للثواب عند الله سبحانه وتعالى".
كما أصدرت دار الإفتاء المصرية فتواها بجواز إعطاء الزكاة للمواطنين العاملين بالأجور اليومية "العمالة اليومية والأرزقية"، ومثلهم كل من تعطلت مواردهم بسبب إجراءات الوقاية من الوباء وتعليمات السلامة من العدوى، وأجازت أيضًا تعجيل الزكاة لهم على قدر ما يكفي حاجتهم ويسد فاقتهم، ولا يقتصر الأمر على الزكاة؛ بل على الأغنياء والقادرين في المجتمع أن يشملوا هؤلاء المواطنين العاملين باليومية -ومَن في حكمهم ممن قلَّت دخولهم وتعطلت مواردهم- بنفقاتهم وصدقاتهم في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن، بل على كل مواطن أن يستثمر هذه الفرصة في مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم بما يمكنه من الوسائل المادية والمعنوية؛ بالمسارعة في الخيرات، والمسابقة في المكرمات، والمساهمة بالطيبات؛ مشاركةً لهم في ظروفهم الحرجة، ومساعدةً لهم في تغطية نفقاتهم واحتياجات أهليهم وذويهم؛ إظهارًا للنخوة والمروءات في أوقات الأزمات، ودفعًا للمرض والوباء بمزيد الكرم والعطاء، وتوخيًا للأجر والثواب من رب الأرباب، فإن معادن الشعوب وأخلاق الأمم تظهر في عصيب الأوقات.
كما قرر مجلس إدارة بيت الزكاة والصدقات المصري برئاسة فضيلة الإمام الأكبر، مضاعفة قيمة الإعانة الشهرية للأسر التى يرعاها بيت الزكاة بمقدار ستة وتسعين مليون جنيه إضافية، ليرتفع إجمالي ما يقدمه إلى نحو مائة واثنين وتسعين مليون جنيه، تشمل أربعة وتسعين ألف أسرة.
وباشر الأزهر الشريف أيضًا تلقي طلبات دعم العمالة اليومية والمؤقتة، التي توقفت عن العمل بسبب الإجراءات الاحترازية، التي تجاوزت مائة ألف طلب، حيث تم رصد ثلاثين مليون جنيه من بيت الزكاة والصدقات المصري لهذه الفئات.
كما أبدى الأزهر استعداد مستشفى جامعة الأزهر التخصصي لأن يكون أحد المستشفيات المخصصة للعزل لمرضى فيروس كورونا، وبالفعل تم البدء فى إعداد وتدريب أطقم الأطباء والتمريض اللازمة، التي يبلغ عددها عشرين طاقمًا، تم اختيارهم من كوادر مستشفيات وكليات الطب التابعة لجامعة الأزهر، والبالغ عددهم نحو ألفي كادر طب، على أساليب وطرق التعامل مع مرضى كورونا، بالإضافة إلى توفير كافة المستلزمات الطبية والأدوية.
وعلى جانب المجتمعي:
سعت دار الإفتاء المصرية إلى مواجهة ظاهرة من شأنها تكدير السلم والتضامن المطلوب تحقيقه في هذا الظرف الطارئ، وهي ظاهرة التنمر ضد المرضى والمتوفين بوباء كورونا، حيث رصدت الدار عدة حالات ظهر فيها تنمر على المصابين بالمرض، والمتوفين بسببه وصلت إلى رفض دفن الموتى، ومنهم الأطباء الذين ماتوا نتيجة عملهم وخدمة المواطنين، والتعامل بشكل حاد مع المرضى ومنعهم من الوصول إلى منازلهم، وإجبارهم على مغادرتها، فبينت الدار الحكم الشرعي لهذا الأمر، وخطورة ظاهرة التنمر، وإثم فاعلها، وأن المتوفى إذا كان قد لقي ربه متأثرًا بفيروس كورونا فهو في حكم الشهيد عند الله تعالى؛ لما وجد من ألم وتعب ومعاناة حتى لقي الله تعالى صابرًا محتسبًا، فإذا كان المتوفى من الأطباء المرابطين الذين يواجهون الموت في كل لحظة، ويضحون براحتهم، بل بأرواحهم من أجل سلامة ونجاة غيرهم فالامتنان والاحترام والتوقير في حقهم واجب، والمسارعة بالتكريم لهم أوجب.
إن كل مطَّلع على تعامل المؤسسات الدينية المصرية مع هذه الأزمة لا يشك في أنها كانت على قدر الحدث، فقد أدت دورها المنوط بها دينيًّا ووطنيًّا على نحو متكامل، وكانت جزءًا مؤثرًا من استراتيجية الحكومة المصرية التي نفذتها من خلال حزمة القرارات والإجراءات التي اتخذتها تجاه مواجهة الوباء العالمي.